على الرغم من أن القانون الإسرائيلي يعلن أن القدس هي العاصمة الوحيدة والأبدية لإسرائيل، إلا أن المدينة من وجهة نظر الحقوق السارية والمحاكم العاملة هي فسيفساء من النصوص والمؤسسات والولايات القضائية والقوانين المعمول بها والتي هي في آن واحد متكاملة ومتراكبة ومتناقضة ومرآة للصراع الدائر ومصدرًا لنزاعات جديدة. إن التفكير في المكانة التي ستحتلها القدس في المفاوضات المستقبلية (الحتمية ولكن غير المتوقعة) يتطلب رسم خرائط على أصغر نطاق ممكن للقوانين السارية والسلطات القضائية القائمة، بالإضافة إلى إجراء دراسة إثنوغرافية عن قرب ومفصلة لكيفية عملها. يطمح جوردين إلى رسم خرائط وتوثيقها ووصفها إثنوغرافيًا، في مجالي الأسرة والأرض، لمختلف الحقوق والممارسات القانونية التي تتعايش في القدس، من أجل وصف كل من أساليب عملها العادية والطريقة التي يتم بها دمج هذه العادية في نظام الاستثناءات. ومن أجل القيام بعمله الوصفي والتحليلي، سيقوم البرنامج أولًا برسم خريطة تاريخية ومكانية للنظام القانوني الداخلي في القدس.
ثانيًا، سوف يستكشف البرنامج العملية التاريخية التي تحولت من خلالها القوانين الدينية وقانون الأراضي إلى قانون وضعي مدعوم من الدولة. وثالثًا، ومن خلال الجمع بين التاريخ العملي والإثنوغرافيا القانونية، سيرصد البرنامج الممارسات القانونية في المحاكم الدينية ومعاملات الأراضي. كما سيتم طرح مسألتين أخريين في جميع المجالات. من جهة، السؤال حول ما إذا كان التنوع والتشرذم في المشهد القانوني والقضائي المقدسي، الذي يولد خطابًا حول ”التعددية الثقافية“، يشكل غطاءً للتمييز والإهمال وتشكيل هيمنة يهودية. من ناحية أخرى، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كانت الطبيعة الجندرية القوية لهذه الأنظمة لا تتفاقم بسبب عدم التماثل الناتج عن التجزئة الإقليمية والمؤسسية. يقترح المشروع، الذي يتخذ من المركز الفرنسي في القدس مقرًا له ويجمع فريقًا متماسكًا من المحامين وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء السياسة والمؤرخين، مزيجًا من النظرية القانونية والتاريخ القانوني العملي والإثنوغرافيا القانونية، وهي ثلاث وجهات نظر تتلاقى في مقاربة تتمحور حول الممارسات القانونية وتحولاتها العملية.